منتديات الراعى و الخراف منتدي مسيحى |
تم انشأ ايميل لمن يريد الاستفسار عن اى شى و هو
elra3y@ymail.com مطلوب مشرفين على الاقسام لمن يريد المشاركه يكون لديه اشتراكات و مواضيع بالمنتدى |
| | يعقوب أبو الآباء | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
بنت العدرا عضو ذهبي
عدد الرسائل : 3800 العمر : 58 السٌّمعَة : 14 نقاط : 6320 تاريخ التسجيل : 13/02/2008
| موضوع: يعقوب أبو الآباء السبت فبراير 26, 2011 4:06 pm | |
| شخصيات الكتاب المقدس يعقوب أبو الآباء -2- بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث في سعيه وراء البكورية والبركة كانت البكورية أمرا عظيما جدا في زمن الآباء الأول,تستحق أن تكون شهوة للأبناء. فالبكر كان هو الذي يصير كاهنا للأسرة بعد أبيه, قبل تأسيس الكهنوت الهاروني.بل إن الرب قال لموسي النبيقدس لي كل بكر,كل فاتح رحم...إنه ليخر13:2كما كان البكر في زمن آبائنا إبراهيم وإسحق,هو الذي سيأتي منه المسيح حسب وعد الرب لأبينا إبراهيمويتبارك في نسلك جميع أمم الأرضتك22:18. ونفس هذه البركة أعطاها الرب لإسحقتك26:4.. سعي يعقوب إلي البكورية كان سعيا مقدسا..ولكنه لم يستخدم فيه أسلوبا روحيا,بل أسلوبا انتهازيا, استخدم يعقوب أسلوبا خاليا تماما من المحبة الأخوية, وخاليا من روح العطاء والبذل. وعجيبة هذه العلاقة بينه وبين عيسو, إنهما أخوان وليسا فقط أخوين, بل هما شقيقان, بل هما توأمان. ولكن الموقف كانت تسوده بلا شك روح المصلحة الذاتية.واستغل الشيطان الموقف فاستخدم وسيلتين متناقضتين: فكان أسلوبه مع عيسو عكس أسلوبه مع يعقوب: فبالنسبة إلي عيسو قال له الشيطان: بماذا تنفعك البكورية إن كنت علي وشك الموت جوعا وإعياء, وأطاع عيسو هذا الفكر فقال أنا ماض إلي الموت,فلماذا لي بكورية؟!تك25:32. أما بالنسبة إلي يعقوب,فقال له الشيطان:احرص علي البكورية بكافة الطرق, خذها بأي ثمن ولو بطريقة استغلالية...وقد كان .لم يستطع يعقوب أن يحصل علي البكورية عند الخروج من بطن أمه إذ سبقه عيسو. فتعقب عيسو ليأخذ منه هذه البكورية بعد خروجهما من بطن أمهما بسنوات طويلة. نلاحظ أن البكورية قد تغيرت نعمها بعد يعقوب: فبعده لم يعد البكر هو الذي يأتي من نسله المسيح, فبكر يعقوب هو رأو بين الذي لم يأت السيد المسيح من نسله إنما أتي من نسل يهوذا ولم يكن هو البكر.كماأن الكهنوت الهاروني جاء من نسل لاوي, ولم يكن لاوي هو البكر..لم يعد هناك داع بعد يعقوب وعيسو للصراع علي البكورية, فحتي بالنسبة إلي يهوذا الذي جاء السيد المسيح من نسله: جاء السيد من نسل داود.ولم يكن داود هو البكر بين أبناء عيسي بل كان أصغرهم 1صم16:11. بقيت إذن البركة التي تصارع عليها يعقوب وعيسو... والبركة شيء مقدس, وينبغي أن يكون الحصول عليها بطريقة مقدسة, وليس بأسلوب الخداع والغش..!!ولكن لعل يعقوب يعتذر بأن هذا الغش قد دفعته إليه أمه, وطاعة الأم أمر واجب!ولكننا نقول:ليس من الجائز إطاعة الأم بعصيان الله... نعم, ليس من الجائز إطاعة الأم في خطية... فكل طاعة ينبغي أن تكون داخل طاعة الله... فإن أمرته أمه بذلك اللون من الكذب والخداع, ما كان يجب عليه أن يطيع. أما الذي جعله يطيع أمه, فهو شهوة قلبه داخله!هو كان يشتهي أن يحصل علي بركة أبيه, فلما دفعته أمه في تلك الوسيلة من الغش والخداع, تلقف نصيحتها كمعين له علي تحقيق رغبته التي ظهرت من قبل في موضوع البكورية. فاستغلاله لجوع أخيه وشراء البكورية منه بأكلة عدس, لم يكن ذلك بسبب نصيحة من الأم, بل كان عملا تلقائيا لشهوته الداخلية. كذلك كيف يطيع أمه بخداعه لأبيه؟!هنا ونتعرض لمشكلة عائلية كانت قلائمة, وهي اختلاف اتجاه كل من الأب والأم.كان إسحق قديسا, وكانت رفقة قديسة. ولكن مشاعرهما تجاه الابنين كانت في طريقين عكسيين. كان إسحق يحب عيسو ورفقة تحب يعقوب, فهل تسير البركة تبعا لمشاعر الأب أم مشاعر الأم, وما السبب؟كان عيسو صيادا, ومن صيده كان يأتي إلي فم أبيه بما يطعمه. وهنا يقول الكتاب أحب إسحق عيسو, لأن في فمه صيدا تك25:28 وهكذا نجد إسحق يقول لعيسو الآن خذ عدتك جعبتك وقوسك, واخرج إلي البرية, وتصيد لي صيدا, واصنع لي أطعمة كما أحب, وائتني بها لآكل حتي تباركك نفسي قبل أن أموتتك27:4,3أما يعقوب, فكان ينطبق عليه المثل القائل إ نه ابن أمه... كانت أمه تحبه... لم يكن صيادا, وإنما كانيسكن الخياميجلس إلي أمه, ويتعلم منها طريقة الطبخ الجيد, وهو الذي قد طبخ العدس الأحمر الذي اشتهاه عيسو, وبه باع له بكوريتهتك25:29-34وكان يعقوب يحب أمه, ويسمع مشورتها, وهي التي تدبر له حياته. إن نصحته أن يخدع أبا يخدعه, وإن قالت له اهرب إلي خالك لابان, واقم عنده حتي يرتد سخط أخيك تك27:44,43. فإنه يسمع نصيحتها ويطيعها, كما تقول له, هكذا يفعل... ومن هنا بدأت حيلة, تدبرها رفقة وينفذها يعقوب. عيسو يخرج ليصيد صيدا يأتي به إلي أبيه, ورفقة تدبر كيف تصيد البركة وتأتي بها إلي يعقوب... وكل من رفقة وإسحق, كانت له دوافعه الروحية: بالنسبة إلي إسحق, كان من الطبيعي أن تعطي البركة لعيسو, لأنه الابن الأكبر. وبالنسبة إلي رفقة يجب أن تعطي البركة ليعقوب لأنه هكذا قال لها الربمن أحشائك يفترق شعبان: شعب يقوي علي شعب, وكبير يستعبد لصغير تك25:33. إذن ينبغي أن تكون السيادة ليعقوب الصغير, حسب إرادة الرب وتدبيره, وإعلانه من قبل ولادتهما. عيب رفقة الأساسي, أنها لم تنتظر الرب... ظنت أن الرب قد تأخر, فلجأت إلي الطرق البشرية, لتحقق بها الإرادة الإلهية!!كان يجب أن تثق بالله وصدق مواعيده, وتنتظر الرب ولكنها وجدت أن الساعة الحرجة قد حلت. وإسحق أرسل عيسو ليحضر الصيد ويباركه, لذلك يجب أن تتصرف بسرعة... هل كان الحل أن تذكر إسحق بكلمات الرب, لكي يؤجل مباركته لعيسو ريثما يتضح الأمر بالأكثر؟... إنها لم تفعل هكذا... وبدأ ذكاؤها البشري يتصرف. فرأت أن ينتحل يعقوب شخصيته عيسو, ويأخذ البركة من أبيه بأسلوب الخداع... وبخطية فيها كذب وغش!ويعقوب لم يكن رافضا للخطية, إنما كان متخوفا من نتائجها, ومن صعوبتها ومن انكشافها!لم يقلكيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطيء؟ كما قال ابنه يوسف بعد عشرات السنواتتك39:9إنما قال عيسو أخي رجل أشعر,وأنا رجل أملس. ربما يجسني أبي فأكون في عينيه كمتهاون, وأجلب علي نفسي لعنة لا بركة تك12,11,27 هنا لايرفض الخطية كخطية, إنما يتخوف من صعوبة تنفيذها ومن خطورة انكشافها, فلما شرحت له أمه الوسيلة التي لا تجعله ينكشف, وافق, ونفذ, وتقدم ليخدع أباه..ما أصعب أن تأتي حرب الخطية من الخارج, حين يكون القلب مشتاقا إلي الخطية في الداخل!!وكما سمعت رفقة حديث إسحق مع عيسو, وأخذت تتدبر الموقف, كذلك سمع الشيطان حديثها مع يعقوب, واقترب ليقدم لها الخطية المسبوكة..أخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر التي كانت عندها في البيت وألبستها ليعقوب, وألبست يديه وملامسة عنقه جلود جدي الماعز... وكانت تعرف بالخبرة نوع الطعام الذي يحبه إسحق, فصنعته وأعطته ليعقوب ليقدمه لأبيه... وتقدم يعقوب إلي أبيه, وبدأ الموقف المحرج.أتي هكذا مسرعا, وأجاب يعقوب أن الرب إلهك قد يسر لي!!وقال إسحق:تقدم لأجسك يا ابني, أأنت ابني عيسو أم لا؟وجسه وقالالصوت صوت يعقوب, ولكن اليدين يدا عيسوولم يعرفه لأن اليدين كانتا مشعرتين, وعاد ليسأل: هل أنت هو ابني عيسو؟ فأجاب: أنا هو.. لحظات حرجة جدا. وخطايا كذب كثيرة وقع فيها يعقوب, ومع ذلك فإن الله ستر, ولم يكشفه... ما أعجب حنان الرب في تلك اللحظات!!بينما كان يعقوب يغش ويخدع ويكذب, وينتحل شخصية أخري, ولايحترم أباه الضرير... ومع ذلك نري ستر الرب عليه وهو في عمق الخطية, فلم ينكشف علي الرغم من كل شكوك أبيه التي تدل عليها أسئلته... وعلي الرغم من كل حرص إسحق في إنه يجسه ويشمه, ويبدي ملاحظته أن الصوت صوت يعقوب!!ربما ما كان يتصور ذلك البار أن ابنه يخدعه, وأخيرا باركه فليعطك الله من ندي السماء ومن دسم الأرض. وكثرة حنطة وخمر..إنه كلام جميل لنتأمله... فليعطك من ندي السماء من فوق.. ومن دسم الأرض من تحت... الخير يأتيك من فوق ومن تحت... من السماء والأرض... من الله ومن البشر... من الروح ومن المادة أينما سرت تجد خيرا.. تصوروا الإنسان الذي يسير في طريق الروح... إن ندي السماء بالنسبة إليه هو عمل النعمة فيه..ندي السماء هو صلوات الملائكة وتشفعاتهم... ندي السماء هو مواهب الروح القدس التي يسكبها الله عليه من السماء. إنها زيارات النعمة.. عمل الله.. ومن دسم الأرض... الأرض هي الطبيعة البشرية, لأن الله خلق الإنسان من دسم الأرض... من تراب الأرض... يعطيك الله من دسم الأرض, أي أن عمل الروح الذي يعمل فيك يستجيب فيك أيضا... يعطيك محبة للتوبة وقبولا للنعمة... استسلاما لعمل الروح القدس... يعطيك رغبة في الخير وحبا في الله.الأرض لاتتمرد عليك... والسماء تحنو عليك... وبالنسبة لقايين وآدم, الأمر كان عكسيا, فبالنسبة لقايين قال الله.. عندما تعمل في الأرض لاتعود تعطيك قوتها... الأرض تتمرد عليك... وبالنسبة لآدم قال... ملعونة الأرض بسببك, الأرض تنبت لك شوكا وحسكا.ن حن نحتاج إلي بركة السماء وبركة الأرض... نحتاج إلي عمل النعمة وإلي نقاوة طبيعتها... نحتاج إلي قوة من الروح وإلي عدم مقاومة من المادة..يعطيك الله من ندي السماء ومن دسم الأرض... يعطيك الله من الخيرات الروحية والمادية أيضا كل ما تمتد إليه يدك ينجح... الودعاء والمساكين بالروح لهم ملكوت السماء ويرثون الأرض. مسكين الإنسان الذي لم يحصل لا علي الأرض ولا علي السماء... تصوروا إنه عندما خرجت الكلمة من فم إسحق كانت كأنها أمر للسماء وأمر للأرض... وضع إسحق يده علي يعقوب وأمر صدر للسماء أن تنزل نداها عليه, وأمر صدر للأرض أن تعطي دسمها لهذا الإنسان... وحقا كما قال السيد المسيحوأعطيكم مفاتيح السماء والأرض... هنا إسحق أخذ مفاتيح السماء والأرض, يفتحها لتعطي نداها ودسمها وكلاهما في طاعته... إنه يمنح البركات كوكيل لله استؤمن علي خيراته يوزعها كما يشاء... إنها بركة عجيبة تعطي. أما بالنسبة لعيسو فبلا دسم الأرض وبلا ندي السماء... بالنسبة إليه عملية إغلاق, لقد أعطي إسحق المفاتيح يفتح بها ويغلق في السماء والأرض... إنها بركة الأبوة... بركة وكيل الله الذي استؤمن علي السماء والأرض... ليعطك الله ندي السماء ودسم الأرض وكثرة حنطة وخمر. إن الحنطة والخمر يرمزان إلي سر الإفخارستيا في العهد الجديد, وهكذا فإنه أعطاه خيرات العهد القديم وما فيها من رموز للعهد الجديد في الحنطة والخمر اللذين يشيران أيضا إلي كهنوت العهد الجديد.. وأبونا إسحق عندما تحدث عن هذه البركة في حديثه مع عيسو, قال عن يعقوب وعضدته بحنطة وخمر تك27:37. وقال أبونا إسحق في مباركة يعقوب أيضا ليستعبد لك شعوب, ولتسجد لك قبائل!كن سيدا لأخوتك, وليسجد لك بنو أمك. إن الإنسان الذي يسير في طريق الله يعطه الله موهبة الرياسة... الله يعطي من سلطانه للناس... عندما خلق آدم جعله سيدا علي كل الكائنات الموجودة طيور السماء وحيوانات الأرض وسمك البحر... جعله سيدا علي الأرض... وعندما أخطأ الإنسان بدأت السيادة تتزعزع, وبدأت الكائنات تتمرد عليه... الحية تلدغ عقبه, والأرض تنبت شوكا وحسكا... لقد تمردت الأرض والنبات... السيادة ضاعت... المرأة قال لها إن الرجل يسود عليها.في يعقوب... بدأت البركة تعود ثانية... تستعبد لك شعوب, وتسجد لك قبائل... كن سيدا لإخوتك, وليسجد لك بنو أمكعجيب أن يسمح الله لإنسان أن يسجد له الناس, يسجدون لوكيل الله علي الأرض, للشخص الذي يمثل الله, أو يكون مسيحا له. إنها موهبة السيادة أو كرامة يسبغها الله علي أولاده. وأيضا يقول له:ليكن لاعنوك ملعونين, ومباركوك مباركينمن يلعنك, ألعنه أنا, ومن يباركك أباركه. أنت سوف لا تدافع عن نفسك. إذ سأدافع عنك... أنت سوف لاترد الإساءة بالإساءة ولكنني أنا من السماء سأدافع عنك... الذي يلعنك ترتد اللعنة إلي نفسه... والذي يباركك يأخذ البركة لنفسه ويصير مباركا.حماية من الله عجيبة لكل واحد من أولاده يقف بجواره يدافع عنه, ويعمل من أجله كل شيء حتي لو كان صامتا... يقاتل عنكم وأنتم تصمتون.إنها عبارات معزية سمعها يعقوب الضعيف المسكين الخائف من عيسو الجبار الصياد... كان يعقوب راكعا عند قدمي أبيه, وكانت السماء فاتحة أبوابها والنعم تنزل علي رأسه أمينة صادقة من فم أبيه ومن عند الله نفسه. | |
| | | بنت العدرا عضو ذهبي
عدد الرسائل : 3800 العمر : 58 السٌّمعَة : 14 نقاط : 6320 تاريخ التسجيل : 13/02/2008
| موضوع: رد: يعقوب أبو الآباء الإثنين فبراير 28, 2011 6:36 pm | |
| يعقوب أبو الآباء(3) ومتاعب بعد البركة بقلم قداسة البابا شنودة الثالث استطاع يعقوب أن يحصل علي بركة أبيه. وكانت بركة الآباء كنزا عظيما يسعي إليه الأبناء.. البركة في تاريخ البشرية صدرت من الله مباشرة, ومن الله وحده, كما بارك الله آدم وحواء(تك1:28). وكما بارك نوحا وبنيه (تك9:1). وكما بارك أيضا أبانا إبراهيم(تك12). وهو أول إنسان قال له اللهوتكون بركة(تك12:2). وهكذا صار الآباء مصدرا للبركة.. لم يكونوا بالنسبة إلي أبنائهم مجرد آباء جسديين, بل كانوا لهم آباء روحيين أيضا. في ذلك الزمان كان الكهنوت للأب رئيس العائلة. وهكذا كان أبونا نوح يقدم محرقات للرب(تك8:20). وأبونا إبراهيم كان كذلك بني مذابح ودعا باسم الرب (تك12:7, . وإسحق أيضا بني مذبحا ودعا باسم الرب (تك26:25). كان هؤلاء الآباء كهنة يقدمون علي المذابح محرقات. وكانت في أيديهم البركة واللعنة. من يباركونه يصبح مباركا. ومن يلعنونه يصبح ملعونا, كما فعل أبونا نوح( تك9:25-27). لعن كنعان فصار كذلك, لم يكن إسحق إذن مجرد أب جسدي لعيسو ويعقوب. بل كان أيضا أبا روحيا لهما, كاهنا له سلطان, ويمنح أن يمكن البركة كان وكيلا لله علي الأرض. وكل منهما كان بكل قوته يسعي لنوال بركته. يعقوب سعي إلي البركة بطريقة الغش والخداع لقد أطاع نصيحة أمه. وفي الواقع لقد أطاع شهوات قلبه التي كانت تتفق مع هذه النصيحة. والعجيب أن أمه لم تقدم له حيلتها كنصيحة. بل كأمر. وهكذا قال له:الآن يا ابني, اسمع لقولي في ما أنا آمرك به(تك27:. ويعقوب لم يرفض. لم يقل لها في حزملا أقدر أن أخدع أبي, محتقرا عمي بصره. بل إنه كان يخشي فقط انكشاف الخدعة. ولم يكن يعقوب جريئا وشجاعا مثل سليمان الذي رفض طلب أمه في أن تعطي أبيشح الشونمية امرأة أبيه زوجة لأدونيا أخيه. بل أمر بقتل أدونيا الذي توسطت له أمه, عقابا له علي جرأته في أن يطلب امرأة أبيه(1مل2:17-25). وهكذا لم يطاوع سليمان أمه, محترما لأبيه حتي بعد موته. أما يعقوب فتقدم ليخدم أباه, مرتكبا خطايا عديدة...وقال لهأنا عيسو بكرك, قد فعلت كما كلمتني. قم اجلس وكل من صيدي, لكي تباركني نفسك(تك27:19). كم كذبة كذبها يعقوب في هذه العبارة؟! لا هو عيسو البكر, ولا أبوه كلمه عن صنع أطعمة له, ولا هو اصطاد شيئا....! ولما تعجب أبوه من السرعة في الصيد وإعداد الطعام, أجابه يعقوبالرب إلهك يسر لي!! كل هذا أدخل الشك في نفس إسحق وبخاصة لأنالصوت صوت يعقوب. فقال لهتقدم لأجسك يا ابني. أأنت هو ابني عيسو أم لا. وعاد إسحق يسأله مرة أخريهل أنت هو ابني عيسو! فقال أنا هو(تك27:21-24). ولم يكتف إسحق بهذا, بل أمره أن يتقدم,وشم رائحة ثيابه, إنها ثياب عيسو التي ألبستها رفقة لابنها يعقوب...إن رفقة كانت ذكية.فلم تطبخ الطعام فقط لإسحق بل طبخت العملية كلها. كانت رواية:ألفها الشيطان وأخرجتها رفقة, ومثلها يعقوب, وخدع بها أباه. هل كان قلبه مضطربا وخائفا خلال ذلك؟ خلال أسئلة أبيه المتكررة المرتابة, وهو يجسه ويشمه, ويقول له: هل أنت هو؟...عجبا إن هذا الضعيف كانت له وقتذاك قوة, أمكنه بها أن يصمد وأن يجيب, وأن يحتمل شك أبيه. بل إن يقبل أباه فيما كان يخدعه(تك27:26, 27) والعجيب أن البعض دافع عن يعقوب في خدعته!! فقال إنه لما اشتري البكورية من عيسو, اشتري شخصية عيسو!!وهذارأي غير مقبول من نواح عديدة: فيعقوب كان يعرف أنه يخدع أباه, بدليل أنه خاف من ذلك أولا وقال لأمهأجلب لنفسي لعنة لابركة (تك27:12). وبدليل أنه لبس ملابس عيسو, كما أن أمهألبسته في يديه وملامسة عنقه جلود جديي الماعز وأيضا كذبه علي أبيه في قولهقم اجلس وكل من صيدي وقوله من جهة السرعةالرب إلهك يسر لي ولو كان يعني مجرد شراء البكورية, فكان يقول لأبيه: أنا بكرك. وليس أنا بكرك عيسو...كما أنه كذب علي أبيه مرة أخري ,حينما سأله أبوههل ابني عيسو؟ فقال :أنا هو. وهنا السؤال عن الشخص وليس عن البكورية... الخلاصة أنه نال البركة بالخدعة, وبقي أن يواجه نتائجها. وأولي النتائج هي انكشاف الخدعة بعودة عيسو... ولاشك أن يعقوب ورفقة كانا يعلمان أن عيسو سيعود من صيده, ويقدم طعاما لأبيه ويطلب بركته, وتنكشف اللعبة, ولكن لابد أنهما كانا يعلمان أيضا أن البركة حينما تعطي لا يمكن أن تسحب لأن هبات الله ودعوته, هي بلا ندامة(رو11:29)...حتيإن كنا غير أمناء, فهو يبقي أمينا(2تي:13) وهو قد قال منذ الحبل بيعقوب وعيسو:وكبير يستعبد لصغير(تك25:23). فلابد أن هذا سيتم...كانت إرادة الله تنفذ حتي من خلال خطا يعقوب! وحتي من خلال حيلة رفقة واللجوء إلي طرق بشرية...إن الله يستطيع أن يجعل كل شئ يؤول إلي إرادته المقدسة. حتي الأخطاء يحول نتيتها إلي خير! لقد أخطأ يهوذا الأسخريوطي وباع سيده بثلاثين من الفضة. وأخطأ مجمع السنهدريم وحكم علي المسيح ظلما. واستخدم شهود زور(مت26:60). وأخطأ بيلاطس أيضا في أن سلمه لليهود ليصلبوه..ومع ذلك فقد آلت كل هذه الأخطاء إلي تنفيذ إرادة الله في قضية الفداء! آلت من هذه نتيجتها أما سوء فعل أولئك فهو مدان...عاد عيسو,وصنع أطعمة لأبيه. وطلب بركته. فسأله إسحق من أنت؟ فأجاب أنا بكرك عيسووهنا يقول الكتاب:فارتعد إسحق ارتعادا عظيما جدا(تك27:33). اكتشف أنه وقع في خدعة. وأن يعقوبأتي بمكر وأخذ البركة...ولكن كيف يمكن أن يحدث هذا؟! هل من المعقول أن يسمح الله بأن تعطي البركة لمن لا يستحقها؟! وهل ستثبت البركة التي أخذها يعقوب؟ طبعا سوف تثبت. ولكن كيف؟! وهناك بدأ ذهن إسحق يجول في أعماق بعيدة...ويقينا أنه تذكر في تلك اللحظات الكلام الذي قاله الله لرفقة في وقت حبلهافي بطنك أمتان, ومن أحشائك يفترق شعبان, شعب يقوي علي شعب وكبير يستعبد لصغير(تك25:23). كان قد نسي هذه النبوءة في شيخوخته...وعاد ليتذكرها الآن ...إذن فقد كان علي وشك أن يعطي البركة لعيسو. ولكن الله صحح له هذا الخطأ, ولم يسمح أن يقع فيه. فالبركة هي ليعقوب.هنا وقال إسحقنعم, ويكون مباركا(تك27:33). وهنا أيضا نضع أمامنا حقيقة مهمة وهي: إن عيسو لم يكن أمينا لنفسه , ولا لأخيه, ولا لله: لم يكن أمينا لنفسه, لأنه باع بكوريته...وباعها بثمن رخيص, بأكلة عدس(تك25:32). وهكذا باع الروحيات, وأخذ بدلا منها الماديات واحتقر البكورية! وعندما باع البكورية, لم يكن أمينا لله. ذلك لأن البكورية وقتذاك كانت تحمل في بركاتها الكهنوت, أي خدمة الله ومذبحه. بل كانت تحمل شيئا أهم. وهو أنه من نسل هذا البكر سيأتي المسيح, وبنسله تتبارك جميع قبائل الأرض.... فكيف باع كل هذا بأكلة عدس؟! وكيف ظن أنه سيموت, دون أن ينال بركات البكورية؟! ولم يكن عيسو أمينا لأخيه أيضا.. إذ كيف ينقض اتفاقاته معه. كيف بعد أن باع البكورية, يأتي إلي أبيه ويقول لهأنا بكرك عيسو(تك27:33).ويطالب ببركة هذه البكورية! أما كان الأجدر أن يقول لأبيه لست استحق هذه البكورية, لأني بعتها وهو لم يبع البكورية فقط, وإنما حلف لأخيه علي ذلك(تك25:33) أي أشهد الله علي ذلك. لذلك فهو يطالب بحق ليس له... فلما سمع أن أباه بارك أخاه يعقوب يقول الكتاب:إن عيسو صرخ صرخة عظيمة ومرة جدا, وبكي...وقال أما أبقيت لي بركة؟!ألك بركة واحدة فقط يا أبي, باركني أنا أيضا يا أبي..ورفع صوته وبكي(تك27:34, 38). ويجيبه أبوه: ماذا أصنع لك يا ابني؟! جاء أخوك وأخذ البركة. قد جعلته سيدا لك, ودفعت إليه جميع إخوته عبيدا, وعضدته بحنطة وخمر(تك27:37)..ولم يكن إسحق قاسيا أمام دموع ابنه عيسو... إنما لقد أخطأ عيسو فهم البركة والبكورية, أهم ما فيها أن يأتي المسيح من نسل من ينال هذه البركة. فما دامت البركة قد أعطيت ليعقوب, وصار له أن يأتي المسيح من نسله, فلايمكن أن يأتي إذن من نسل عيسو...ما معني إذن: ألك بركة واحدة فقط يا أبي؟! هل من المعقول أن يعطي نفس البركة لعيسو, فيأتي المسيح من نسل يعقوب ومن نسل عيسو؟! وهذا محال...لم يكن تفكير عيسو هنا تفكيرا روحيا.وكان الأجدر به أن يذهب إلي أخيه يعقوب ويسجد أمامه, ويطلب بركته, وليس بركة البكورية. ولكنه صرخ صرخة مرة وبكي, حيث لاينفع البكاء... وصدق في عيسو, ما قاله عنه القديس بولس الرسول:قال إنهلما أراد أن يرث البركة رفض, إذ لم يجد للتوبة مكانا...مع أنه طلبها بدموع(عب12-17). لقد جاء بعد فوات الفرصة, بعد أن أغلق الباب مثل الخمس العذاري الجاهلات, اللائي قلن ياربنا يا ربنا, افتح لنا فأجابهن الربالحق أقول لكن إني لا أعرفكن(مت25:10-12). لم يكن بكاء عيسو بكاء توبة, إنما كان بكاء حسرة وغيظ وحقد, بكاء من فقد شيئا لا يمكن أن يرجع. بكاء ليس فيه تذلل ولا انسحاق...بل يقول الكتاب عن هذا الباكيفحقد عيسو علي يعقوب...من أجل البركة التي باركه بها أبوه. وقال عيسو في قلبه: قربت أيام مناحة أبي فأقتل يعقوب أخي(تك27:41).وطبيعي أن الذي يحقد علي أخيه, ويفكر في قتله,لا يمكن أن يكون إنسانا تائبا. لقد بكي وطلب من أبيه بركة. فقال له أبوههوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك. وبلا ندي السماء من فوق. وبسيفك تعيش, ولأخيك تستعبد.ولكن يكون حينما تجمح أنك تكسر نيره عن عنقك(تك27:39, 40) وكانت مشاعر عيسو الحاقد تقول:بسيفي أعيش؟ ليكن, ولكن بسيفي لن أجعله يعيش...أقوم وأقتل يعقوب أخي...إن كانت النتيجة الأولي في خداع يعقوب لأبيه, هي انكشاف الخدعة بعودة عيسو من صيده, فإن النتيجة الثانية كانت عزم عيسو علي قتله, ونتيجة لذلك إن رفقة نصحته بالهروب من أخيه قائلة له: الآن يا ابني, اسمع لقولي. وقم اهرب إلي أخي لابان, إلي حاران...حتي يرتد سخط أخيك, حتي يرتد غضب أخيك عنك, وينسي ما صنعت به...لماذا أعدم اثنيكما في يوم واحد؟(تك27:42-45). وكانت رفقة امرأة ذكية, فاقنعت إسحق بذلك... اقنعته بذهاب يعقوب ليقيم عند أخيها لابان في حاران. فكيف فعلت ذلك؟ كان عيسو قد اتخذ لنفسه زوجتين من بنات الحيثيينفكاتا مرارة نفس لإسحق ورفقة(تك26:34, 35). فضربت رفقة علي هذا الوتر. وقالت لزوجها إسحقمللت حياتي بسبب بنات حث. إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث. مثل هؤلاء من بنات الأرض, فلماذا لي حياة؟!(تك27:46). ومال إسحق إلي كلام رفقه, ودعا يعقوب وباركه, وقال له نفس النصيحة: قم اذهب إلي فدان آرام, إلي بيت بتوئيل أبي أمك, وخذ لنفسك زوجة من هناك, من بنات لابان أخي أمك..لا تأخذ لك زوجة من بنات كنعان(تك28:1, 2). وهنا نري إسحق يبارك يعقوب بركة ثانية, من قلبه, وليس كالأولي التي كانت بالخدعة.. لم يلمه علي خدعته, ولم يعاقبه علي أخذه البركة بالمكر, لأنه تذكر الوعد الإلهي, بل دعاه وباركه..وقال لهالله القدير يباركك, ويجعلك مثمرا...ويعطيك بركة إبراهيم لك ولنسلك...(تك28:1, 3, 4). ومضي يعقوب هاربا من وجه أخيه, بعيدا عن بيت أبيه وعن حنان أمه, فماذا حدث له | |
| | | بنت العدرا عضو ذهبي
عدد الرسائل : 3800 العمر : 58 السٌّمعَة : 14 نقاط : 6320 تاريخ التسجيل : 13/02/2008
| موضوع: رد: يعقوب أبو الآباء الإثنين مارس 07, 2011 8:45 pm | |
| يعقوب أبو الآباء4 - هارب وخائف,ولكن الله معه بقلم قداسة البابا شنودة الثالث خرج يعقوب من بيت أبيه ,هاربا من وجه أخيه عيسو,الذي عزم علي قتله, وقد أوصله الحقد إلي هذا المستويأقوم وأقتل يعقوب أخيعجيب هو حقد عيسو, وعجيب أيضا جهله إن كان يعقوب قد أخذ البركة, فكيف يمكن لعيسو أن يتحدي هذه البركة ويمنع نفاذها؟!البركة التي تقولكن سيدا لإخوتك وليسجد لك بنو أمك ليستعبد لك شعوب, ولتسجد لك قبائلتك27:29هل يمنع عيسو إتمام هذه النبوة؟!وهل يمنع إتمام القول الإلهي عنه وعن أخيهوكبير يستعبد لصغيرتك25:23كان عيسو يتحدي التدبير الإلهي بعكس أبيه, لقد كان في نية أبيه أن يبارك عيسو, ولكنه استسلم لمشيئة الله لما تذكر وعده, وعاد إسحق فبارك يعقوب وقالنعم ويكون مباركاتك27:33أما عيسو, فقد تمرد علي مشيئة الله ودل بذلك علي جهله أيضا لأنه إن كان من ضمن البركة التي أخذها يعقوب, أن يأتي من نسله المسيح, فكيف يستطيع عيسو أن يقتله قبل أن ينجب النسل الذي منه يأتي المسيح؟!بل كيف يقف عيسو ضد بركة أخري قالها أبوه إسحق ليعقوب الله القدير يباركك ويجعلك مثمرا, ويكثرك فتكون جمهورا من الشعوبتك28:3.فهل يموت يعقوب قبل أن يثمر؟!ولكن علي الرغم من جهالة عيسو وتمرده علي التدبير الإلهي هرب يعقوب من وجهه... سار في البرية وحيدا خائفا,ينتظر وعود الرب, وهو باستمرار كان يخاف من عيسو رجل الصيد والنبال الذي كان أقوي منه جسديا حتي وهما في بطن أمهما, ركنه عيسو جانبا وخرج قبلهأحمر كله كفروة شعرتك25:25وتزاحم الاثنان أيضا حول البكورية والبركة, فلما كانت من نصيب يعقوب, دخلت مشاعر الانتقام في قلب عيسو, كما دخل الخوف من الانتقام في قلب يعقوب,وهرب وهو لا يدري هل ستنتصر بركة إسحق أم حقد عيسو..!وعلي الرغم من أخطاء يعقوب في حصوله علي البركة, إلا أن الله لم يعاقبه في وقتها...ليس من المعقول أن يعاقبه الله وهو في هربه وخوفه. يكفيه حاليا ما هو فيه, العقوبة سوف تحل عليه فيما بعد. أما الآن فهو في حاجة إلي عناية الله ورعايته, وليس الوقت وقت عدل الله وعقوبته... إن الله يكون دائما إلي جوار الضعفاء المحتاجين إليه, لعله باهتمامه بهم في ضيقتهم, يمكن أن يجذبهم إليه...صدق داود النبي حينما قال:أقع في يد الله,ولا أقع في يد إنسان, لأن مراحم الله واسعة2صم24:14فليقع يعقوب إذن في يد الله, يعاقبه كما يشاء, ومتي يشاء, ولايقع في يد أخيه عيسو..وهكذا سار يعقوب في البرية وحيدا وخائفا, وبلا أية معونة...بلا رعاية الأب, وبلا حنان الأم, وليس أمامه مجال لاستخدام ذكائه البشري.رآه الله في خوفه وهربه, وكأن الله يقول:لا أترك يعقوب ابني وحده. لا أتركه معذبا وقلقا..حقا إنه تسبب في هذا الهرب الذي جلبه علي نفسه...ولكن الله لايتركه ليقاسي بسبب أعماله... الله الذي لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب آثامنامز103:10.ودبر الله الوقت الذي يعمل فيه. هوذا يعقوب الآن في البرية في وحشة النهار, وظلمة الليل, وخوف الجبل وما فيه من وحوش ودبيب وحشرات, يضاف إلي ذلك خوفه من انتقام أخيه. ولعله يفكر: أين إذن البركة التي نالها:ندي السماء, ودسم الأرضتك27:8!! حقا إن البركة ليس معناها الطريق الواسع..!لقد حصل داود النبي علي بركة المسحة المقدسة التي أخذها علي يد صموئيل النبي. وحل عليه روح الرب1صم16:13وعلي الرغم من ذلك حلت ضيقات كثيرة علي داود, واضطهادات ومطاردات من شاول الملك..وفي الوقت المناسب, نال داود بركة المسحة المقدسة. إذن علي يعقوب أن ينتظر الرب,الذي يعمل في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة لتدبيره الإلهي.كان علي يعقوب أن يجتاز مرحلة فطام ,فطام عن كل معونة بشرية, وأولها: الفطام من حنان أمه وإرشادها..هذه التي قالت له أكثر من مرة الآن يا إبني اسمع لقوليتك27:13,8..قالت له ذلك عندما نصحته أن يخدع اباه, وأيضا حينما نصحته أن يهرب ويقيم عند خاله لابانتك27:43...وكان عليه أيضا أن يفطم ذاته عن حيل البشرية, ويكون في موقف يشعر فيه أنه لاحل أمامه ولا وسيلة, وحينئذ يتدخل الله لينقذه من ضيقته..وفي الضيقة لمس يعقوب عمليا يد الله في حياته. كان من قبل لايعرف الله, إلا أنه إله أبيه إسحق وإله جده إبراهيم, هذين اللذين كانا يقدمان له الذبائح, وحتي حينما كلمه الله,كلمه بهذه الصفة قائلا لهأنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحقتك28:13.وهكذا بدأ الله يكون علاقة شخصية, معه وكان الله هو الباديء بهذه العلاقة فكيف حدث ذلك؟حدث ذلك في البرية حينما تعب يعقوب من السير, وكانت الشمس قد غابت وصادف مكانا وبات هناك لم يكن هناك. فراش, ولا وسادة يسند عليها رأسهفأخذ حجرا من حجارة المكان, ووضعه تحت رأسه واضطجع في ذلك المكانتك28:11,10. وهنا بدأ الله يعمل, بدأ يكون علاقة مع يعقوب...لم يحتمل أن يراه هكذا ملقي علي الأرض ومتوسدا حجرا...ربما يعقوب كان يظن وقتذاك أنه وحده في الجبل ,فأراد الله أن يثبت له أنه ليس وحده, وإنه وإن كان راقدا علي الأرض, فهناك ما يمكن أن يصل بين الأرض والسماء...وكيف ذلك؟إذا بيعقوب في نومه يري حلما عجيبا...رأي سلما منصوبة علي الأرض, ورأسها يمس السماء وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها. وهوذا الرب واقف عليها يخاطبه, يعرفه بنفسه ويباركه..وكان هذا هو اللقاء الأول بينه وبين الله, حيث أعلن له الله ذاته, وأعقبت ذلك لقاءات أخري...وبعد أن كان يعقوب مؤمنا بالوراثة...أصبح مؤمنا بالعشرة والخبرة. كان مؤمنا لأنه ابن إسحق المؤمن, إلهه هو إله إسحق. أما الآن فقد دخل في طور آخر من الإيمان, يتحدث فيه الله إليه,ويتحدث هو مع الله. وبعد أن كان قد أخذ البركة من أبيه إسحق, هوذا الآن يسمعها من فم الله ذاته الذي قال لهيكون نسلك كتراب الأرض,وتمتد غربا وشرقا وشمالا وجنوبا..ويتبارك فيه وفي نسلك جميع قبائل الأرضتك28:14.بل إن الله يعطيك أيضا وعدا آخر بالحفظ فيقول لهوها أنا معك, وأحفظك حيثما تذهب, وأردك إلي هذه الأرض...تك28:15فما هذا كله:إنه الآن أمام الله, وملائكته,وسمائه...ثلاثة تمثل حياته الروحية الجديدة. ومن قبل كان يتعامل مع ثلاثة هم أب وأم وأخ. لقد دخل تغيير إذن في حياته. فصل جديد قد بدأ..وقد ترك هذا المنظرالسلم والسماء والملائكةأثرا كبيرا في نفس يعقوب. وأعمق منه بلاشك حديث الله معه.فلما استيقظ من نومه قال:ما أرهب هذا المكان, ما هذا إلا بيت الله, وهذا باب السماءتك28:17ولأول مرة, يرد في الكتاب المقدس هذا التعبيربيت اللهوقد تسمي به ذلك المكان, فصار اسمه بيت ايلأي بيت الله...ولأول مرة, أيضا نقرأ في الكتاب عن ملائكة ظهروا لإنسان, وتكرر هذا في حياة يعقوب. قرأنا من قبل أن الرب ظهر مع ملاكين لأبينا إبراهيم, وعن ذهاب الملاكين إلي سادوم وإنقاذهما للوط وأسرتهتك18:19,وقرأنا عن ملاك منع أبانا إبراهيم من ذبح إبنه إسحقتك22:12,11.ولكننا هنا نقرأ عن ملائكة صاعدين ونازلين... كان يعقوب أول إنسان رأي مجموعة من الملائكة. ربما أن حالته النفسية القلقة كان فيها يحتاج إلي الشعور بأن له أسرة كبيرة من فوق ينتقل بها إلي عالم سمائي..كذلك وهو ذاهب في طريقه خائفا من ملاقاة عيسو, لاقاه عدد كبير من الملائكة قال عنهم:هذا جيش اللهتك32:2,1..في كل رحلة يعقوب ذهابا وإيابا, كان محتاجا إلي عزاء, وكان في ظهور الملائكة عزاء له..وأيضا كان له عزاء في السلم التي رآها..كانت السلم بين السماء والأرض, توحي بأن السماء لاتقطع صلتها بالأرض, مهما أخرجت شوكا وحسكا..!كانت ترمز إلي المصالحة وعودة الحب. بل ترمز أيضا إلي السيد المسيح الذي قام بهذه المصالحة وأعلن للأرض حب السماء, وكانت ترمز كذلك إلي أمنا العذراء التي ولدت للعالم هذا المخلص. لهذا ندعو العذراء في صلوات التسبحةسلم يعقوب..علي أن يعقوب فيما رأي كان له عزاء أعظم من السلم ومن الملائكة ومن السماء: إنه الله ...كان الله واقفا علي السلم يتحدث إليهيع28:13حقا إن الله عجيب في ظهوره ليعقوب علي الرغم من خداعه لأبيه واستغلاله لجوع أخيه. وعلي الرغم من كذبه وحيله. وعجيب هو الرب بالأكثر في كل وعوده ليعقوب ومباركته له ولنسله. وهكذا أكد الله ليعقوب البركة التي سمعها مرتين من أبيه إسحقتك27:27تك28:1.فيكون قد نال حتي تلك اللحظة البركة ثلاث مرات..حقا إن بركات الله بلا حساب, وننالها بلا استحقاق!لأنه ليس بكيل يعطي اللهيو3:34وإن كان لنا فإنما يعطي في أحضاننا كيلا جيدا, ملبدا, مهزوزا فائضا..لو6:38وهو في عطائه ينظر دوما إلي احتياجنا وليس إلي استحقاقنا...وهكذا فعل مع يعقوب الخائف الهارب. لقد أعطاه الله بركة ووعودا ,وليس عقوبة وتأديبا..وكان لهذا كله تأثيره في قلب يعقوب فقال:حقا إن الله في هذا المكان, وأنا لم أعلمتك28:16قال الله لهأنا معك حيثما تذهبولكنه لم يكن يعلم أن الله معه. وما أكثر ما يكون الله معنا ونحن لانعلم ...!مثلما حدث لتلميذي عمواس في لقاء الرب لهمالو24:16,15.وكثيرا ما يكون الله معنا, ولكن الضيقات لاتتركنا نشعر بوجوده, كما قال جدعون لملاك الربإذا كان الرب معنا,فلماذا كل هذه ؟!وأين هي عجائبه التي أخبرنا بها آباؤنا!قض6:13...هكذا كان يعقوب لايعلم بوجود الرب معه..!كان هذا أول ظهور إلهي له, وكان ما سمعه من الرب أول كلمات من الله تمس أذنيه. لقد شعر كيف يكون الرب قريبا في وقت الضيقة..لذلك مباركة هي الضيقات حينما تقربنا إلي الله. ولهذا فإن الله يسمح بالضيقات لكي ندعوه فينقذنا. علي أنه هنا لم يحدث أن يعقوب دعاه. إنما لاشك أن احتياج يعقوب كان يصرخ إلي الله دون أن يتكلم...كما قال الرب لموسيإني رأيت مذلة شعبي..علمت أوجاعهم فنزلت لأنقذهمخر3:8,7,مع أنهم لم يصرخوا إليه بل صرخوا بسبب مسخريهم....الله هنا,وأنا لم أكن أعلموكيف عرفت إذن؟بالضيقة, لاتحزن إذن إذا فكر عيسو في أن يقتلك...ثق أن حياتك في يد الله, وليست في يد عيسو. إذن لاتركز فكرك في مخاطرة, إنما في الله. فكر في باب السماء المفتوح.. ولتكن كلمة الله في أذنكها أنا معك وأحفظك حيثما تذهبوماذا عن عيسو وقوته وتهديده, والقتل والموت؟..لاتفكر في كل هذا...لقد اطمأن يعقوب لما سمع وعود الرب.ونذر يعقوب نذرا إن كان الرب معه وحفظه...كان وعد الله له في حلم, وهو لايريد أن يكون حفظ الله هو مجرد أحلام يحلمها ووعود يسمعها في حلم..إنما أن تحققت يكون الرب لي إلها..وكل ما تعطيني فإني أعشره لكإبراهيم جده قدم العشور مرة لملكي صادقتك14:20,أما يعقوب حفيده فيقول للرب كل ما تعطيني, فإني أعشره لكتك28:22ليكن هذا درسا لكل إنسان... فلا يدفع العشور من مرتبه فقط, وإنما من كل ما يصل إلي يده, عملا بقول أبينا يعقوب:كل ما تعطيني فإني أعشره لك..وصية العشور أخذها-بالتقليد-من جده إبراهيم وطبقها علي كل شيء, كتعبير في العرفان بالجميل للرب. ولكن لاينسي ظهور الرب له في ذلك المكان. وشنه بيتا للرب فلنرجيء تأملنا في هذه النقطة إلي الأسبوع المقبل,إن أحبت نعمة الرب وعشنا. | |
| | | | يعقوب أبو الآباء | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
مواضيع مماثلة | |
| |
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|